[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[size=18]
لا يوجد وهم يبدو كأنه حقيقة مثل الحب..
و
لا حقيقة نتعامل معها و كأنها الوهم مثل الموت!! فليس هناك أمر مؤكد أكثر
من الموت، و مع ذلك لا نفكر أبدا بأننا سنموت، و اذا حدث و فكرنا لا
يتجاوز تفكيرنا وهما عابرا عبور النسيم
و العكس في حالة الحب، فرغم أن الحب دائما أمر يزينه الخيال و يضخمه الوهم و يجسمه التصور و تنفخ فيه الشهوات،...
و رغم أن الحب يشتعل و ينطفئ و يسخن و يبرد و رغم أن أحواله و تقلباته
تشهد بأنه وهم كبير، الا أننا نتعامل معه بالرهبة و التقديس و الاحترام و
الخضوع.. و نظل على هذا الخلط و الاختلاط حتى نفيق على الصدمة فنصحو و
نستعيد رشدنا لأيام أو شهور أو سنوات و لكن لا نلبث أن نستسلم الى اغماء
جديد.
و سبب الخلط و الاختلاط هو دائما خطأ في النسبة.. فنحن دائما
ننسب الجمال الذي شاهدناه و الحنان الذي تذوقناه الى صاحبته مع أنها ليست
صاحبته و لا مالكته.. و لو امتلكت امرأة جمالها لدام لها.. و لكن الجمال
لم يدم لأحد، لأنه منحة و اعارة من الله بأجل و ميقات و هو قرض يسترده في
حينه.. فصاحبه و مالكه هو الله و ليس أي امرأة.
و كذلك كل ما نعشق من
حنان و مودة و رأفة و حلم و كرم كلها خلع و منح و أوصاف مستعارة من الودود
الرؤوف الحليم الكريم.. و هو مالكها بالأصالة.. و نحن نملكها عنه بالقرض و
الاعارة.
و لكن العين التي تعشق الجمال تخطئ نسبته و ملكيته فتظنه لصاحبته فتعشق صاحبته و تعبد صاحبته.
و
هي تظل في هذا الوهم حتى تفيق على القبح يطل من تحت المساحيق و القسوة
تظهر من وراء الأهداب فتصحو على الصدمة و تعاني و تتعذب و تندم و تعتبر و
تتوب ثم تعود فتنسى و تنزلق إلى وهم جديد..
و تلك هي الغفلة
المستمرة التي نعيش فيها جميعا.. نفيق منها لحظات لنعود فنغرق في سباتها
من جديد و لا يسلم من هذا البلاء الا نبي معصوم أو ولي عارف يحفظه ربه و
يسدل عليه كنفه.. فلا يرى حيثما تولى الا وجه الله.
(فأينما تولوا فثم وجه الله)
فهو
الجمال في كل جميل و هو الرأفة و الحنان و الكرم و الحلم و المودة.. فتلك
أسماؤه تتجلى في أواني الطين و الخزف الشفافة التي شفها الاحساس حتى أصبحت
مثل الكريستال المضيء تماما كما يرى الفلكي نور القمر فيعرف أنه ليس نوره
بل نور الشمس تجلى عن وجهه.
و هكذا لا يرى هذا العارف أينما تولى
الا وجه الله.. و هو دائم الهمس الله.. الله.. الله.. الله.. الله.. و هو
ناظر دائما الى الظاهر و ليس الى المظاهر.. ناظر الى الله الظاهر دائما في
كل شيء.. لا يطرف.. متعلق بالمعاني و ليس بالأواني.
و هو لهذا لا ينقسم و لا يتشتت و لا يضيع في التلفت، و انما هو مجذوب الفؤاد الى الله على الدوام.
و لكن أمثال هذا الرجل قليل نادر مثل الألماس و اليورانيوم و أمثاله لا يتجاوزون
أفرادا و آحادا بين ألوف الملايين من الحشد المغمى عليه
و
هي غفلة عامة غالبة لا ينجي فيها علم و لا ثقافة و لا دكتوراه و لا
ماجستير، فتلك أبواب غرور تزيد من الغفلة.. فنرى العالم يضع علمه في خدمة
هواه، و عقله في خدمة عاطفته، و مواهبه في خدمة شهواته. فتصبح بلواه
مضاعفة و صدمته قاصمة للظهر.
و يمضي العمر في سلسلة من الغفلات و
الاغماءات مجموعها في الختام صفر، أو هي في الحقيقة حاصل طرح و ليست حاصل
جمع. فمجموعها في النهاية بالسالب و ليس بالموجب فحياة صاحبها الى نقصان
يوما بعد يوم و سنة بعد سنة.. يخرج من وهم الى وهم و من خدعة الى خدعة..
حاله مثل حال الشارب من ماء مالح، كلما ازداد شربا ازداد عطشا.. لا يحصل
على سكينة و لا يبلغ اطمئنانا، و انما هو هابط دوما من قلق الى قلق، و من
تمزق الى تمزق، و من تشتت الى تشتت، حتى تنتهي حياته بلا ثمرة، و ينتهي
تحصيله بلا جدوى.
و تلك هي العقلية الاستمتاعية السائدة اليوم في
عالم وثني، أصنامه اللذة و الغلبة و الهوى.. معبود كل واحد نفسه و كتابه
رأيه و دستوره مصلحته.
و الحال في الأمم المتخلفة و النامية أسوأ
مما هو في الأمم المتقدمة.. و هي أمم مجموعها أحيانا ((حاصل طرح أفرادها))
و ليس حاصل جمعهم، لأنهم منفرطون منقسمون متباعدون كالجزر التائهة في
البحر.. يضرب بعضهم بعضا.. و عزمهم مستهلك.. و قوتهم لا شيء..
يتحدثون عن الوحدة.
و لا وحدة الا بالواحد.
هو وحده الواحد لا اله الا هو. الذي يخرج به كل واحد من شتات نفسه و تخرج به الأمم من تفرقها و يخرج به العالم من انقسامه.
و القضية بالدرجة الأولى قضية ايمان.
هي قضية رؤية..
كيف نرى العالم..؟
و كيف ننظر فيما حولنا..؟
و كيف نحب..؟
هل نستطيع أن نكون ذلك العارف الذي لا يرى في كل شيء الا الواحد.. و لا يبصر الا وجه ربه في كل محبوب.
هل يمكن أن نكون مصداق الآية:
(أينما تولوا فثم وجه الله).
و
في هذا الاطار نحب و في هذا الاطار نكره.. فنبذل المروءة و المعروف و
المودة للجميع و لا يكون لنا تعلق و لا يكون لنا حب الا الله و بالله و في
الله.
ذلك هو الجهاد الصعب.
و لا اختيار..
و لا طريق آخر.
و كل واحد و عزمه.
و كل واحد و همته..
و
عبرة كل حياة بختامها.. فلنسارع الى المجاهدة و لنشمر السواعد حتى لا يكون
محصول حياتنا صفرا و حتى لا يمضي بنا كل يوم الى نقصان و حتى لا يصبح كل
يوم من أيامنا مطروحا من الذي قبله.
انما خلق الله الغواية لامتحان القلوب و ليعرف الكبار أنفسهم و ليعرف الصغار أنفسهم من البداية..
مصطفي محمود
من كتاب أناشيد الإثم والبراءة
الموضوع مقتبس للفائده
الإثنين يوليو 27, 2015 4:34 am من طرف عطبراوى وبس
» مطلوب نظام اطفاء حريق بغاز fm200 داخل اللوحات الكهربيه ولوحات ال mcc
الأربعاء ديسمبر 10, 2014 7:25 am من طرف abeer mah
» SCADA(تعريف عام بنظام الاسكادا)
الخميس يوليو 24, 2014 9:13 pm من طرف sasa amer
» (هندسه القوى والألات الكهربيه)....المحول الكهربى
الإثنين يونيو 16, 2014 4:13 am من طرف فايزة مرزوق
» جزاكم الله كل خير
الجمعة يونيو 06, 2014 9:09 am من طرف ممدوح عزت موسي
» الصدمة(المطرقه) المائية..اسبابها , مشاكلها , الحلول...
السبت يناير 11, 2014 12:42 pm من طرف ghiath1
» شكر للسيد الأستاذ الدكتور....صلاح مصطفي حماده
الخميس نوفمبر 21, 2013 7:57 am من طرف Nefer
» الموضوع/نظام التحكم الآلي (الأسكادا) لمعدات محطة مياه الشرب والمأخذ
الأربعاء أكتوبر 30, 2013 5:30 pm من طرف ريهام
» أفكارنا هي السبب الرئيسي لأمراضنا
السبت أكتوبر 05, 2013 4:01 pm من طرف ممدوح عزت موسي